قضايا و حوادث ما قصة وفاة مريض ذهني في سجن تونسي؟
5 أكتوبر 2025 وداخل زنزانة إنفرادية، صمت صوت سجين تونسي يعاني من إعاقة ذهنية واضطرابات عقلية حادة الى الأبد. تفاصيل هذه الفاجعة الانسانية رواها المحامي الاستاذ محمد داودي، حيث تم ايداع موكله السجن في تجاهل تام لحالته الصحية والذهنية الحرجة. الفقيد السجين كان يتلقى الرعاية في مستشفى الرازي منذ سنة 2010 ، وجد نفسه فجأة متهما في قضية تتعلق بترويج المخدرات.
اتهام يثير العديد من التساؤلات، خاصة وأن السجين كان يفتقر إلى القدرة على التمييز أو الإدراك، حسب كل الوثائق الطبية وبطاقة الإعاقة. الأدهى من ذلك هو عدم إرفاق بطاقة إعاقته ضمن وثائق القضية، مما أدى إلى التعامل معه كموقوف عادي، في تجاهل صارخ لوضعه الإنساني والقانوني.
وأكد المحامي أن الضحية لم يستمع إليه بخصوص الجريمة المنسوبة إليه. وفي سلسلة من القرارات التي تفتقر إلى الإنسانية والمنطق، رفض قاضي التحقيق جميع المطالب الملحة بإحالته على الفحص الطبي أو نقله إلى مؤسسة علاجية متخصصة، مبررا ذلك بأنه "غير مختص".
ومع تدهور حالته الصحية والنفسية بشكل متسارع، توقف المريض عن الأكل والشرب وتناول الأدوية. وفي مشهد مؤلم، تم تكبيله بالسلاسل داخل زنزانته، حيث نزف حتى الموت، في ختام مأساوي لحياة كان يجب أن تصان وتحترم.
وأكد المحامي محمد داودي أن الشرطة العدلية قامت بإحالة الملف دون الاستماع إلى موكله بخصوص التهمة المنسوبة إليه. وعند إحالة الملف إلى المحكمة، لم يتم إرفاق بطاقة إعاقته الذهنية وذكر أن موكله أحيل على التحقيق، وصدر بحقه بطاقة إيداع بالسجن دون استنطاقه. ومنذ تاريخ إيقافه، توقف عن النوم والأكل والشرب وتناول دوائه. وقد قام أعوان السجون بتقييده بالسلاسل، مما أدى إلى نزيف في يديه، وتم وضعه في زنزانة انفرادية حسب تصريحه.
وذكر الأستاذ محمد أنه كان يتوجه يوميا إلى قاضي التحقيق ليوضح له أن وضع موكله لا يسمح ببقائه في السجن، وأنه يجب نقله إلى مستشفى الرازي أو أي مستشفى آخر. لكن قاضي التحقيق كان يرفض طلبه، بتعلة أنه "غير مختص" بقبول مطلب الإيواء الوجوبي. وبين الاستاذ أنه قام بتحرير مطلب للعرض على الفحص الطبي وإشعار بوجود خطر الموت.
وفي 3 أكتوبر الفارط ، قدم المطلب مرة أخرى لقاضي التحقيق، لكنه جابهه بنفس الإجابة المتكررة بأنه غير مختص بقبول مطلب العرض على الفحص الطبي. وبعد جهد جهيد، وافق قاضي التحقيق على تسلم المطلب، ووعد بالنظر فيه الأسبوع القادم لمعرفة ما إذا كان القانون يخول له ذلك. ونفس الامر بالنسبة إلى وكيل الجمهورية، الذي أفاد بدوره بأنه غير مختص بالنظر في قضية يتعهد بها قاضي التحقيق.
وفي مساء يوم 05 أكتوبر 2025، عند الساعة الثامنة، توفي السجين المذكور تاركا وراءه مجموعة من الاسئلة بحاجة الى اجوبة عاجلة حتى تظهر حقيقة موته كاملة.
سناء الماجري